الحناء من كتاب الطب النبوي من منظور معاصر, ص (84-90), الطبعة الأولى,1438هـ,2017م, للباحث في الطب النبوي الشيخ هاني صلاح آل دراز.

مما جاء في فضل الحناء ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيد ريحان أهل الجنة الحناء»([1])، وفي أحاديث أخرى حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على تغيير لون الشعر إذا أصابه الشيب، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ»([2]). [متفق عليه, واللفظ للبخاري], ثم يوجه صلى الله عليه وسلم إلى استعمال الحناء في صباغة هذا الشعر الأبيض، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضى الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ هَذَا الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ، وَالْكَتَمُ([3])»([4]). [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود, واللفظ له].

وإذا كان هذا الحديث عامًّا يدخل فيه الرجال والنساء على حدٍ سواء فقد خصَّ النبي ص النساء بحديث آخر، فعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها، قَالَتْ: أَوْمَتْ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ بِيَدِهَا، كِتَابٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، فَقَالَ: «مَا أَدْرِي أَيَدُ رَجُلٍ، أَمْ يَدُ امْرَأَةٍ؟» قَالَتْ: بَلِ امْرَأَةٌ، قَالَ: «لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً لَغَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ» يَعْنِي بِالْحِنَّاءِ»([5]). [رواه النسائي وأبو داود, واللفظ له].

وقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يستخدم الحناء في شعر رأسه، فعَنْ أَبِي رِمْثَةَ رضى الله عنه قَالَ» خَرَجْتُ مَعَ أَبِي حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُ بِرَأْسِهِ رَدْعَ([6]) حِنَّاءٍ»([7]). [رواه أحمد], وجاءت رواية أخرى تفيد أنه صلى الله عليه وسلم استعمل الحناء في شعر لحيته أيضًا، فعَنْ أَبِي رِمْثَةَ رضى الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبِي، فَقَالَ لِرَجُلٍ – أَوْ لِأَبِيهِ -»مَنْ هَذَا؟» قَالَ: ابْنِي، قَالَ: «لَا تَجْنِي عَلَيْهِ»، وَكَانَ قَدْ لَطَّخَ لِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ»([8]). [رواه النسائي وأبو داود, واللفظ له].

وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضى الله عنها قَالَ: «فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ شَعَرًا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ»([9]). [رواه ابن ماجه].

ولذلك كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يخضبون شعرهم بالحناء أو بالحناء والكتم، فعن أنس رضى الله عنه قال: «خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ»([10]). [رواه مسلم].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم الحناء للتداوي، من ذلك ما جاء عَنْ سَلْمَى أُمُّ رَافِعٍ رضى الله عنها، مَوْلَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «كَانَ لَا يُصِيبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَرْحَةٌ، وَلَا شَوْكَةٌ، إِلَّا وَضَعَ عَلَيْهِ الْحِنَّاءَ»([11]), وفي رواية أنها قَالَتْ: «مَا كَانَ يَكُونُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرْحَةٌ وَلَا نَكْبَةٌ إِلَّا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَضَعَ عَلَيْهَا الحِنَّاءَ»([12])، وفي رواية أنها قَالَتْ: كَانَ إِذَا أَصَابَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم «الْكَلْمُ أَوِ النَّكْبَةُ جَعَلْتُ عَلَيْهِ الْحِنَّاءَ»([13]).

ومعنى (قرحة): هي الجرح([14])، ومعنى (نكبة): هي ما يصيب الإنسان من الحوادث([15])، كالإصابة بالأحجار([16])، والنكبة: أن يصيب العضو شيءٌ فيدميه([17])، أو هي العثرة بالرجل([18])،ومعنى (الكلم): الجرح([19]).

مما جاء من الأحاديث في التداوي بالحناء، ما جاء عَنْ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ يَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلَّا قَالَ احْتَجِمْ وَلَا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إِلَّا قَالَ اخْضِبْهُمَا بِالْحِنَّاءِ»([20]). رواه أحمد.

فهذه الأحاديث تشير إلى أن للحناء فوائد علاجية نافعة بإذن الله تعالى، ومما أشارت إليه هذه الأحاديث هو استعمال الحناء في التداوي من الجروح والإصابات وخصوصًا في القدمين.

فوائد الحناء:

1- مستخلص من الحناء مذاب في الميثانول يستخدم كمضاد حيوي قوي لعدد(12) نوع من البكتريا وثلاث أنواع من الفطريات([21]).

([1]) (صحيح), تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، 2 /403، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 3/407، برقم: 1420، وفي صحيح الجامع الصغير، برقم:( 3677(.

([2]) أخرجه البخاري في (60) ك: الأنبياء, (50) ب: ما ذكر عن بني إسرائيل, رقم (6462), ومسلم في (37) ك: اللباس والزينة, (25) ب: في مخالفة اليهود في الصبغ, رقم (2103).

([3]) الكتم: نبات يخلط بالحناء ويخضب به الشعر، ويعطي لونًا أحمرًا داكنًا.

([4]) (صحيح), أخرجه أبو داود في (27) ك: الترجل, (18) ب: في الخضاب, رقم (4205), والترمذي في (22) ك: اللباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, (20) ب: ما جاء في الخضاب, رقم (1753), والنسائي في (48) ك: من الزينة, (16) ب: الخضاب بالحناء والكتم, رقم (5081), وابن ماجه (31) ك: الطب, (32) ب:  الخضاب بالحناء, رقم (3622),  وصححه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود, رقم (4205), وصحيح وضعيف سنن الترمذي, رقم (1753), وصحيح وضعيف سنن ابن ماجه, رقم (3622), وصحيح وضعيف سنن النسائي, رقم (5081).

([5]) (صحيح), أخرجه أبو داود في (27) ك: الترجل, (4) ب: في الخضاب للنساء, رقم (4116)، والنسائي في (48) ك: الزينة, (18) ب: الخضاب للنساء, رقم: ( 5089 ), وحسنه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود, رقم (4116) , وصحيح وضعيف سنن النسائي, رقم (5089).

([6]) ردع: معناها اللطخ والأثر، انظر الصحاح في اللغة: 1/249.

([7]) (صحيح),  مسند أحمد 2/226، برقم: ( 7104)، وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط.

([8]) (صحيح), أخرجه أبو داود في (27) ك: الترجل, (4) ب: في الخضاب, رقم (4208)، والنسائي في (48) ك:الزينة, (16) ب: الخضاب بالحناء والكتم, رقم ( 5083 ), وصححه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود, رقم (4208)، وصحيح وضعيف سنن النسائي, رقم: (5083).

([9]) (صحيح), أخرجه ابن ماجه في (32) ك: اللباس, (32) ب: الخضاب بالحناء, رقم (3623), وصححه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه, رقم (3623), ومسند أحمد 6/296، برقم: ( 26577)، وصحح إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد.

([10]) أخرجه مسلم في (43) ك: الفضائل, (29) ب: شيبه ق، رقم (2341).

([11]) (حسن),  أخرجه ابن ماجه في (31) ك: الطب اللباس, (2932) ب: الحناء, رقم (3502), والمعجم الكبير للطبراني 24/298، برقم: ( 756), وحسنه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه, رقم (3502).

([12]) (صحيح), أخرجه الترمذي في (26) ك: الطب عن رسول الله ص ، (13) ب: في التداوي بالحناء رقم (2054)، ومسند إسحاق ابن راهويه 5/101، برقم: ( 2207), وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي, رقم (2054).

([13]) (حسن), مسند عبد بن حميد 2/402، برقم: ( 1561)، وحسَّن إسناده الشيخ مصطفي العدوي.

([14]) مختار الصحاح: 1/560.

([15]) لسان العرب: 1/770.

([16]) تاج العروس: 1/989.

([17]) فتح الباري: 6/19.

([18])  الديباج شرح صحيح مسلم  بن الحجاج للسيوطي: 5/515.

([19]) لسان العرب: 12/148.

([20]) (حسن), مسند أحمد 6/462، برقم: 27658، المعجم الكبير للطبراني 24/298، برقم: 755، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم: 2059، وفي صحيح الجامع، برقم: 4671.

)[21]) Nadjib Mohammed Rahmoun, Zahia Boucherit-Atmani, Mohammed Benabdallah, Kebir Boucherit, Didier Villemin, Noureddine Choukchou-Braham, Antimicrobial Activities of the Henna Extract and Some Synthetic Naphthoquinones Derivatives, American Journal of Medical and Biological Research, 2013, Vol. 1, No. 1, 16-22.